تدابير مهمة لمواجهة ظاهرة الغلاء
|
الرسالة الفائزة ...نحو تدابير مهمة لمواجهة ظاهرة الغلاء
الأوضاع الغذائية العالمية مرشحة، وفقاً لتقارير المؤسسات الاقتصادية والزراعية الدولية، إلى موجات غلاء جديدة خلال بضعة أعوام قادمة، خاصة المواد الغذائية والحبوب تحديداً، وحسب برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة فإن ارتفاع أسعار الحبوب والبقول والزيوت سوف يهدد حياة مئات الملايين من الناس في عدد كبير من دول العالم، وينذر بزيادة أعداد الجوعى، خصوصاً مع تآكل الطبقات الوسطى في المجتمعات لصالح الطبقات الأكبر التي تعاني من متاعب كبيرة قذفت بها في أتون الفقر والفاقة.. ناهيك عن استغلال وجشع بعض التجار ونزوعهم إلى الاحتكار والمبالغة في رفع الأسعار دون مسوغات كافية ومقنعة.
كل ذلك أدّى إلى تضاعف تكلفة الحياة المعيشية بشكل صارخ وتراجع كبير في قدرات الناس الشرائية، وبروز بوادر احساس وقلق من قرب حصول تدهور كبير في مستوى معيشتهم.
هذه الأوضاع وغيرها ينبغي أن تدفع مجتمعاتنا العربية، التي تعاني شعوبها من مشكلات كبيرة فقراً وبطالة وتراجعاً في معدلات التنمية، باتجاه اتخاذ تدابير ناجعة وسريعة للتخفيف من حدّة موجات الغلاء القادمة، وأنا هنا لا أحمّل الحكومات وحدها كامل المسؤولية، وانْ كان عليها أن تقوم بالمهام الأكبر من حيث التدابير التي يمكن اتخاذها لتوفير السلع والمواد الأساسية لمواطنيها بأسعار تكون في مقدورهم، ومن بين هذه التدابير تخفيض أو تجميد العمل بالرسوم الجمركية والضرائب على المواد الغذائية ومدخلاتها، ودعم إنشاء أسواق شعبية عمومية تبيع المواد الأساسية بأسعار تقترب من الكلفة انْ لم تكن بالكلفة فقط، والتركيز على المشروعات التنموية الأساسية خلال هذه الفترة، وإعادة الاعتبار إلى الزراعة ودعمها وتعزيز قدرات وإمكانات المزارع العربي وتشجيعه ودعمه بكل السبل الممكنة لكي يكون منتجاً فاعلاً ونشطاً.
إضافة إلى كل ذلك، وربما هو الأهم، وضع استراتيجية عربية موحدة للاستثمار الزراعي في السودان التي تصنفها المؤسسات الزراعية الدولية بأنها من ضمن أكثر ثلاث دول توصف بأنها سلال غذاء العالم، إضافة إلى استراليا وكندا، وتتمتع السودان بأكثر من 200 مليون فدان صالحة للزراعة، ولديها وفرة هائلة في الماء، وأراض خصبة، صالحة للإنتاج الزراعي عبر كل المواسم، لكن مع الأسف، فإن ما يستغل منها حالياً لا يتجاوز الـ فقط وبطرق زراعية تقليدية لا تنتج سوى ربع قيمة الإنتاج المتوقعة فيما لو استخدمت الطرق الزراعية الحديثة.
التدابير الحكومية وحدها ليست كافية، والمطلوب، وهذا يجب أن يكون في طليعة أولوياتنا، تنمية ثقافة الترشيد في مجتمعاتنا العربية، وهنا يقع الدور الأكبر على المؤسسات الإعلامية والتعليمية ومنظمات المجتمع المدني التي عليها أن تقوم بدور بارز وجاد في هذا السياق.
وأعتقد أننا كأمة عربية إسلامية أجدر من غيرنا بترشيد استهلاكنا، فنحن أمة اقرأ، وأمة قدّم لها رسولها الكريم محمد عليه السلام أنجع نظرية اقتصادية يمكن أن تواجه بها تقلبات الحياة المعيشية بقوله: (ما عال منْ اقتصد) و(الاقتصاد في النفقة نصف العيش).. وفي هذين الحديثين ما يختزل التدابير العلاجية والوقائية الأكثر نجاعة لمواجهة الغلاء.
منقوووول وتقبلوا احترامى وتقديري